قصص تليجرام

حلمى فى صفيحة قمامة الجزء11

سقطة"سوسن"

-عين العقل يا دكتوره..انا حاولت كتير أتفاهم مع والد حضرتك..بس هوا كان مقتنع إنى نصبت عليه..

جلسنا نستمع للتسجيل فى مكتب المحامى-خال زميلتنا-أستاذ "أشرف مكاوى"..الذى قال بعد إنتهاء التسجيل بأسف:

- التسجيل ده مالوش لازمه!

نظرنا لبعضنا فى حيرة..ثم  نظر كلانا إليه فى ضراعة..فأضاف:

- كان نفسى أطمنكوا..بس التسجيل ده مش قانوني..و لا يعتد بيه قدام أى محكمة..بالعكس ممكن يأذيكم أنتم أكتر ما يفيد!

نظرت ل"نادين"مطمئناً،و سألته:

- علشان عمى دفع له رشوه،و ده ممكن يورطه..؟

"مش كده و بس..دا التسجيل من غير أذن نيابه يعتبر جريمه ..فيها حبس و غرامه.. و هوا عارف ده أكيد..يعنى حتى مش هتعرفوا تهددوه بالتسجيل إللى يدنكوا"قالها أ"اشرف"قبل أن يضيف:

- الحل الوحيد نعمل له كمين..و نصوره و نسجل له- بأذن نيابه- و هوا بياخد رشوه..ساعتها يتعمل له قضيه،و يتحبس..

و قد كان!

تم نصب الكمين الذى أستغرق إعداده أسبوع-بمعاونة-أ"أشرف"..و سقط"صبرى"فى قبضة العدالة..فى تلك الأثناء تماثل عمى"سمير"للشفاء و، خرج من المستشفى..و لم يعيد له ذلك النصاب ماله بطبيعة الحال..لكن الغريب أن حماتى ظلت مقتنعة أننا-انا و"نادين"قد أضعنا فرصة"عمرو"فى دخول الكلية الحربية..بتلك الحيلة التى أدت للقبض على الصول"صبرى"!

******

أتصلت ب"نادين"بعد منتصف الليل كعادتنا الدائمة-وقت الرصيد المجانى- 

-ألو..مساء الخير يا"نادين"..أهوا قاعد أذاكر أهوا و أنا باكلمك..و باكتب هوامش و ملاحظات فى الكتاب كمان..عشان متقوليش إنى بضيع الوقت!

قلت مبتسماً بينما بدأت أرسم-عشوائياً- أعلى صفحات كتاب الباطنة الكثير من القلوب السابحة بين نجوم تتلألأ!

ضحكت بعجب،و قالت:

- مش للدرجه دي!..و بعدين مش هتعرف تعمل حاجتين فى نفس الوقت..دي حاجات مبتعملهاش غير الستات..و كمان لازم تكون حاجه من الأتنين إللى بتعملهم مش محتاجه تركيز جامد..حاجه مش مهمه يعنى ..

أضافت بصوت ضاحك:

- يعنى زي  مانا بكلمك دلوقت و انا بذاكرsurgery !

فكرت أنه بمقارنة بسيطة بينى و بين الجراحة..سأكون الطرف الذى لا يحتاج للتركيز!

سألت فى غيظ:

-"نادين" هوا أنا ممكن أشتمك عادى؟!

- تشتمنى؟!.. دانتا خدت عليا أوى!

قلت مازحاً:

-أيوا طبعاً يا بنتى.. أمال الخطوبه عمالوها ليه؟!

- و بالمناسبه أخبار بابا و ماما أيه؟

ردت بضيق:

- أسكت يا"مجد"..ماما مابتكلمنيش من ساعة إللى حصل!

سألت بإستغراب:

- ليه كل ده؟..هى لسه فاكره إن أنتى السبب فإن"عمرو"مش هيدخل الكليه الحربيه؟!

قالت بإحباط:

- أنا مش فاهمه أزاى!..إذا كانت هى عارفه الموضوع كله من الأول..لغاية ما بابا وقع قدامها و هوا بيكلم النصاب ده فى التليفون..و هوا بيقولوه إنه مش هيرجع الفلوس..و هى إللى كانت عايزانى أقابله و أرجع الخمسين ألف جنيه بتوع بابا..

- المصيبه بقى إنها أقنعت بابا كمان،بإن الراجل مش نصاب و لا حاجه..و إن أحنا إللى أتسرعنا و بلغنا عنه! 

سألت فى حيرة:

- طب و "عمرو"رأيه أيه فى إللى بيحصل؟

-"عمرو"بقى قالى قشطه..أنا ماكنتش عايز أدخل حربيه..بس حاساه زعلان!

قلت بسخرية:

- منك برضو!.. لأ أتأكدى يا "نادين"إن دول أهلك فعلاً..يمكن يكونوا لقينك على باب جامع..أو اتبدلتي مكان بنتهم فى المستشفى!

ردت بضيق :

- بذمتك دى حاجه تضحك دلوقت!

- مش بهزر..بس بتريق..الظاهر إنك طفره وسط عايلتك..لإنه واضح إن نسبة الIQ عندهم أقل من سبعين..

بيفكروني بإسماعيل ياسين فى فيلم العتبه الخضرا!

قالت بغضب:

- أنا هأقفل السكه!

- خلاص يا ستى!..الواحد ميعرفش يهزر معاكي؟

- على فكره..رحت النهارده جبت نتيجة تحليل"فاطمة"من المعمل..طلع زي ما توقعت..عندها Kidney failure..

صمتت قليلاً..فتوقعت أنها لا تذكر شيئاً عن الأمر..قلت محاولاً تذكيرها:

-"فاطمة"اخت"حلمى"إللى كنتى بتديله الشيكولاته إللى كنت بجيبهالك!..كنت قولتلك إنى شاكك إن عندها فشل كلوى..طلع توقعى فى محله!

شهقت فى جزع:

- لأ متقلولش!..طيب و دي هتبلغها أزاى ؟!..أوعى تكون ناوى تروح هناك!..

كانت خائفة من أن ينفذ"بيجو"و أصدقائه تهديدهم و يقتلونى..و برغم عدم جدية التهديد-فى رأيي-لن أخاطر..

عرضت"نادين"المساعدة:

- انا ممكن أروح ابلغهم ..قاطعتها محتداً:

- لأ..داحنا بنستعبط يا ست "نادين" ! ..أياكي تفكري أو حتى تحلمي إنك تروحي هناك ..

زفت فى ضيق..ثم قلت بلهجة أهدئ:

- عموماً أطمني ..خلاص أعتبريها عرفت..انا وصيت"عبود"الممرض يروح يبلغ أمها تيجي هى و"فاطمة"المستشفى بكره.

*******

مكثت برهة مبتسماً فى بلاهة-لا أدري لماذا-..أستعيد تفاصيل المكالمة-بعد إنتهائها-قبل أن تختفى الإبتسامة فجأة و يحل العبوس مكانها..حين قفز أمامى وجه"بيجو"الملئ بالندوب..

لم يكمل بعد عامه العشرين-فيما أظن-لكنه يبدو أكبر من عمره-كغالبية سكان العشوائيات-حتى"حلمى"و برغم ضآلة حجمه..كان يبدو أكبر من سنه بكثير..

و انتبهت لأننى رسمت أسفل الصفحة عبارة مطموسة المعالم..لكن بالرغم من ذلك بدت مألوفة بشكل ما!

ص..بيت..لا .. أعتقد أن هذا حرف حاء رغم أن من يره للوهلة الأولى يظنه صاد!

حبيت القلب عذه.."عزة"!

إنه الوشم المنقوش على صدر" بيجو"

اللعنة!

إن من نقش هذا الوشم يستحق الجلد بالسياط..

دعك من انه كتب"عزه"بالذال بدل الزاي..و كتب قلب بالألف بدلاً من ان يكتبها بالقاف..

-بالأضافة لكل هذا-لا تكد تعرف مراده مما كتب..هل كان يقصد حبيبة القلب أم حبة القلب..

أعلان حب فى صفحة المجتمع ..موشماً على صدر الشقى!

خلاصة الأمر إنه-أقصد-"بيجو"طبعاً و ليس الواشم الذى لا يختلف عنه كثيراً..جاهل و أحمق و مدمن و..

و خطر داهم على فتاة وحيدة..ألقاها حظها العاثر فى طريقه..

خبر آخر يوشك أن يكتب فى مساحة سطرين فى أخبار الحوادث!

محاولة إغتصاب و قتل..

لقد صارت الحوادث من هذا النوع كثيرة لدرجة مثيرة للقلق..

لكن لم يعد لدى أحد الفراغ اللازم ليشعر بالقلق فيما يبدو!

تنهدت فى ضيق..يبدو أن عمى"سمير"كان محقا..

أحياناً أفكر فى احمل مسدساً-أو رشاشاً ربما-و أظل أطلق الرصاص عشوائياً حتى..

حتى ماذا؟!..حقاً لا أدري..

يبدو أننى فى طريقي للخبال!

تنهدت بضيق..أعترف أننى عاجراً عن تقديم العون-حتى لنفسى-ليتنى أمتلك ممحاة تستطيع أن تمحو الأحزان..كما تمحى الأمطار أدران الأرض

 ..أو  كنت أملك قلماً سحرياً يستطيع كتابة النهاية السعيدة..

أو حتى أن أتحلى ببعض المسئولية التى تجعلنى أستطيع أن أذاكر قليلاً لإمتحان الداني ..دون مماطلة..

 أو سرحان!

******

فى الصباح التالى فوجئت بالجميع فى المستشفى يتحدث عن"سوسن"..

لأنه فى الليلة الماضية..و بينما كنت أبدأ مناوبتي فى المستشفى الثانية..كانت الآنسة "سوسن"تسرق الدواء من الصيدلية..فى مستشفانا..و كان أن رأها النائب الساهر فى تلك الليلة

..و قام بتجريسها على الفور!

و تقرر تحويلها للتحقيق..شعرت ببعض الشماتة بها بالطبع..و بدأت آمل فى أن تكون كاذبة فى شهادتها ضدى..

لكن حين فكرت ببعض الحيادية..وجدت أنه ليس شرطاً أن تكون سارقة، و مدعية فى ذات الوقت..ربما كانت محقة بشأني.. 

خاصة حين علمت أنها قد اختلست بعض أدوية السكر و الضغط..  لأمها المريضة ..لا أبرر فعلها -لكن-ألتمست لها العذر..

إن كانت مرتبات الأطباء ضعيفة..فما بالك بالتمريض!

يبدو أن العبقري الذى حدد رواتب العاملين فى القطاع الطبي...وضع فى.إعتباره أننا كملائكة رحمة..لا نحتاج للمال..بماذا سنحتاجه؟!

الملائكة لا تأكل أو تشرب أو تتزوج..

يكفينا الأجر من الله،و صالح الدعوات..

و نسى سيادته انه لا أحد يستطيع أن يضرب ملاك..أو يسبه بالأم و يلعن أجداده..

كما يحدث معنا يومياً للأسف!..

حين تقابلنا فى نهاية اليوم..قالت"نادين"بلهجة ذات مغزى،و سرور لم تحاول إخفائه:

- شوفت إللي حصل!..دا ذنبك على فكره!

لم أعلق ..فسألت بدهشة:

- أنتا معرفتش باللي حصل و لا أيه؟!..أمبارح..مع"سوسن"...

قاطعتها لأمنعها من الإسترسال:

- عرفت..و كل واحد ذنبه على جنبه!

صمتت لحظة لتفكر..ثم سألت:

- انتا عامل ايه دلوقت؟..لسه تعبان؟..كنت قلتلي إنك هتحلل من كام يوم..و من ساعتها لا حس و لا خبر! 

قلت بعجب:

- و انتي شوفتيني فضيت من ساعتها!..لو تفتكري كان عمى فالعنايه..و بعدين أنشغلنا مع إللى أسمه"صبري"ده..ده كله غير الشغل و المذاكره..اليومين دول مش فاضي أموت حتى!

- بعد الشر عليك..ليه بتقول كده!

ابتسمت رغما عني- لخوفها علي- كم انا محظوظا لأنك معي!

..لكن إلى متى؟

أحياناً أشعر أننا قد نفترق -لا أدري لماذا-لكن هذا التصور يدفعني للجنون..الموت أحب إلي من الحياة بدونك..

لكن ألا يحتمل أن يكون الموت هو سبب الفراق؟!

- دكتور"مصطفى"كان عايزك.

سألت بضيق:

- و عايز أيه يا ترى؟!

- لأ ما تقلقش..المره دى حاجه كويسه..

ابتسمت فى سخرية:

- و أيه إللى عرفك إنها حاجه كويسه؟!

- ممكن يكون هيعزمك على خطوبته هوا و دكتوره"شيماء الجزار"..د"شيماء"عزمتني..عزمت كل البنات!

دكتور مصطفى سيخطب!

سألت مستوضحاً:

- قلتي هيخطب مين؟

- دكتوره "شيماء"المقلبظه..يوم السبت الخطوبه..هنروح سوا..

هززت رأسى فى نفي..قلت معتذراً:

- يوم السبت عندى شيفتين..مش هقدر آجي..ممكن أوصلك...

بترت عبارتى حين تخيلت د"مصطفى"محاطاً بالفتيات ك"هارون" الرشيد..و بجواره عروسه الأربعينية المتعجرفة..بالتأكيد سيمد عينيه إليهن و- ربما يديه-مستغلاً سنه المتقدمة..و أنه فى عمر آبائهن..هذا بخلاف التصوير!

قلت بضيق:

-الأحسن بلاش تروحي!..ذاكري جراحه..و لا هى المذاكره ما بتحلاش إلا لما أكلمك فى التليفون!

ردت ببسمة:

- ما يبقاش قلب أسود يا "جوجو" أنا كنت بهزر!.. 

تجاهلت الرد عليها عامداً..عندما مر"عبود"من أمامنا ..سألته بعصبية:

- أيه يا عم"عبود"؟..فين البنت؟

نظر لى متفاجئ..سأل فى حيرة:

- البنت؟..أنهو بت؟!..آه البت..و الله نسيتها!..ثم أستدرك بعد أن لاحظ الغضب البادى على وجهى:

- خلاص يا دكتور هبقى أعدي عليهم و أنا راجع المستشفى...

- يا ريت تروح لهم النهارده و انتا مروح!

- النهارده مش هينفع..عندى مشوار مهم..حنة بنت أبن عم ابويا..هوا أنتا مبقتش تروح هناك ليه؟!

تجاهلت سؤاله السخيف.و قلت منبهاً:

- أوعى تنسى المره دى كمان!

******

قدمت لى الممرضة السمراء ذات الوجه المتبسم حلوى توزعها د"شيماء".بمناسبة خطوبتها"بنبون مما يقدم فى الأفراح..من تلك النوعية التى تلتصق بالأيادى والأسنان.قلت معتذراً:

- شكراً..مش ناكلsweets.

تناولت"نادين"واحدة من العلبة،و دستها فى جيبى..و قالت للفتاة اللطيفة:

- شكراً يا"سابرينا"!

فأنصرفت الأخيرة لتوزع الحلوى على باقي الزملاء

يا خبر أسود!

مالت على أذن"نادين"هامساً:

- هى روسيا أضربت بالنووي أمتى؟!

سألت بعجب:

- ليه بتقول كده؟!

همست فى اذنها :

- عشان دا مش شكل واحده روسيه..دي روسيه من باب الشعرية!

- أتريق بقى على خلقة ربنا!

- مش بتريق و لا حاجه..بس فيه واحده مغفله قلتلى إن فيه فى المستشفى واحده روسيه..فتخيلتها blond..شعر أصفر بقى و عيون زرقا..يااااه!.. يلا منها لله!

قالت"نادين"التى لم ينجح مزاحي الثقيل فى تعكير مزاجها..بذلك الصوت الطفولي المضحك الذى تجيد إصطناعه:

- طب مانا شعري أصفر يا"جوجو"!

ابتسمت لطفلتى المشاغبة.. بحب..

فى تلك اللحظة أقبلت علينا د"شيماء"تزين وجهها المكتنز بسمة خجلى..بدت لطيفة من دون تلك التكشيرة المتعالية التى لم تكن تفارق وجهها..حقاً إن الحب يصنع المعجزات!

سألت"نادين"عنى بصوت رقيق-لا يمت بصلة-لسيمفونيات صراخها فى عيادة الأطفال:

- خطيبك؟

- أيوا يا دكتور.. د"مجد"خطيبى..ردت"نادين"بالإيجاب قبل أن تضيف مشيرة للطبيبة:

- دي د"شيماء" يا "مجد"

كأننى لا أعرفها!

- غنيه عن التعريف طبعاً..ألف مبروك يا دكتور..و عقبال الفرح!..قلت بينما أصافح يدها الممدوة فى حرارة..آملاً أن تكون قد نسيت أنها مسحت بي عنبر الأطفال.. حين أهتزت يدي بينما كنت أخيط جرحاً فوق عين طفلة فى الرابعة-دون بنج-بينما هى تعوى و تتلوى تحت يدى كالأبالسة..و لأخطاء أخرى - لا يتسع المجال -لذكرها أثناء فترة تدريبي!

ضيقت عينيها-الضيقة -بالأساس..و قالت:

- أنا أفتكرتك..شكلك مش غريب عليا!..واضح إنك كنت شاطر زي"نادين"  ..دايما الواحد بيفتكر أشطر الطلاب..

جاوبتها بابتسامة محرجة..و قلت فى نفسي:

- و أخيب الطلاب!

أضافت فى أمومة و هى نتظر ل"نادين"بإمتان الأم نحو أبنتها البارة:

-  خلي بالك منها!

و قبل أن أرد عادت الممرضة لتقول:

-"جابر"طًلع الأنبوبه فوق يا دكتوره 

- طيب يا"سابرينا"..أنا جايه..عن أذنكوا يا شباب؟

- آه طبعاً يا دكتور أتفضلى 

أنصرفت و تبعتها الممرضة التى أستوقفتها قبل أن تذهب..

- لو سمحتى يا آنسه..متعرفيش فين"عبود"الممرض؟

- عم"عبود" لسه مرجعش من الأجازه..أصله أخد أجازه أسبوع علشان يحضر فرح فبلدهم!

******

"د."مجد"..ممكن لو سمحت كلمه"

ألتفت لصاحبة الصوت التى كانت"سوسن"..كئيبة ذابلة العينين من البكاء..عقدت ذراعاي أمام صدرى،و وقفت صامتاً أنتظر ما ستقول..قالت بصوت مبحوح:

- أنا أتنقلت ..و هامشى النهارده من المستشفى..و كنت عايزه أعتذر لك،قبل ما أمشي..و الله ما كنت أعرف إن كل ده هيحصل..أنا أول مره أمد أيدي كانت فى الليله دي..و بعد إللى حصل لعم"صبحى"أنا كنت حلفت إن عمري ما هاعملها تانى..

- مش هافم  حاجه..ممكن تهدى و تفهميني..أيه الحكايه بالظبط؟

قالت بصوت متهدج،و قد بدأت دموعها تتساقط:

- هوا كان عايز مسكن..راحت الصيدليه ما لقيتش غير حقن الحديد،اللى مخبينها على ما يبعوها..مفكرتش..أخدت أربع حقن..و أديت لعم"صبحى"واحده منهم على إنها حقنة مسكن..و هوا أداني عشرين جنيه..مكنتش أعرف أنك هتحط له حقنه تانيه فى المحلول!

- و بعد ما حصل إللى حصل لعم"صبحى"أنا خفت..فقولت أنك أنتا إللى إديتله الحقنتين..أنا آسفه!

أتسعت عيناي فى صدمة..كانت تتحدث عما حدث ذلك اليوم ..الذى كاد عم "صبحى"يموت فيه ..بسبب خطأ طبي لا يرتكبه حمار-كما- قال د"مصطفى"كانت هى سبب ما حدث له يومها..و أتهمتني!

..أصابني إعترافها  بشعور مربك..لم أفرح و لم أحزن..فقد كان أعتذارها المتأخر..أشبه بظهور براءة متهم بعد إعدامه..

مجرد تحصيل حاصل!

و فجأة تملكنى غضب عارم..صحت فى وجهها بغضب مستنكر:

- يعنى أيه أسفه؟!..أصرفها منين أسفه دي ؟..أنتى عارفه اتبهدلت قد أيه بسببك؟!

تراجعت خطوة للخلف مخافة أن أضربها لكننى منعت نفسى من صفعها بأرادة من فولاذ..

مسحت على وجهى لتهدأ سورة غضبي.. قلت من بين أسناني بغضب مكبوت:

- أمشي يا"سوسن"..أمشي من قدامي أحسن لك!


يتبع

حلمى فى صفيحة قمامة الجزء12


قصص تليجرام