قصص تليجرام

شهرزاد و الحاكم العربي

 

حكاية شهريار 

أيها الملك السعيد 

فلترفع السلاح 

قد سكتت شهرزاد 

عن الكلام المباح 

قضيت الليل 

بين حكاياها

و الأقداح

حتى انكفئت

مخمورا

و انسكب ما في الراح !

***

الآن تغفو على أريكتك 

الوثيرة

من عناء السهر 

 و السكر المعربد 

ترتاح!

***

مال لهذا ظلت 

أقص عليك الحكايا

حتى غفوت محتضناً

زجاجة الخمر 

الفارغة 

كأنك تحتجز 

بين ذراعيك 

تلك الفتاة المراوغة 

في ساعة لذة 

ليس لها اكتمال!

لا أكتمك -سراً-

مال لهذا 

حكيت الحكايا

و كررت المقال!

***

فكرامتك المراقة 

كخمرتك 

بين النعال

تسألك

متى سيبدأ القتال؟!

من أجل استعادة 

امجاد أجدادك الذاهبة 

لكنك-لم تبال-

تعب الخمر ليلاً 

بين الجواري

و في النهار

تغفو في أحضان 

أحزانك

و هزيمتك المتعبة!

لا تسأل 

عن مملكتك المنتهبة 

و لا بقايا

الساكنين فيها 

في المقابر

بين موتى

و احياء

لا خير فيهم 

أو بقية من دماء

نخوة 

أو رغبة في الكفاح 

فمنذ زمن

ألقى مليكهم 

السلاح 

ألقه عمداً 

أو ضيعه!

حكاية السيف الضائع 

حين نسيت..

 سيفك الذهبي 

معلقاً على المشجب 

القائم 

بجوار السرير 

علقت عليه جاريتك الرومية 

ثوبها القصير!

قبل أن تنساب 

بين الوسائد المخملية 

الموزعة

على فراشك الحريري 

في أحضان فتاها 

الأثير 

الذي هربت معه 

و تركتك حزيناً 

بائساً 

و مضيعا!

لكن

لحسن الحظ

لم يعلم أحد

-غيرك-

أن سيفك الجديد  

من خشب

لأنهما

-قبل الفرار-

سرقا جوادك المطهم 

و سيفك الذهبي

البتار 

معه!

***

حكاية لم تحكى 

منذ ذلك الحين 

تتزوج كل ليلة فتاة 

تبحث في ثناياها 

عن فحولتك الضائعة 

و تسلمها 

للسياف في الصباح 

ليقطع رأسها!

فتصمت للأبد..

كي لا يعلم أحد 

و يتندر العامة 

برجولتك المزعزة!

***

حكاية الفتى مسرور 

أرى يا مولاي 

على صفحة الرمال 

صفرة وجهك 

و يدك الكليلة 

و قلة بأسك 

أخشى  

إذا بدأ القتال

ألا تستطيع 

في حومة الوغى 

أن ترفع فأسك!

فلتحرر إذن فتاك مسرورا 

عبدك المقهورا

عساه يصبح فارساً

مغوارا

يصد عنك كيد الضباع 

ربما استطاع 

أن يجتاز الصحاري 

اللاهبة

و يعيد جاريتك الهاربة 

و تنتقم 

لهيبتك المضيعة!

***

حكاية الفارس الوحيد 

في عصر أبيك الملك 

الشهيد 

على الخيانة 

امتدت يد جبانة 

و سلمت افضل فتى

في المملكة 

للموت!

كانوا ثلاثة 

الأول..

شحذ الخنجر 

و الثاني..

سمم النصل 

و الثالث..

طعنه 

بين لوح الكتفين 

و تركوه بلا كفن!

اشفق عليه الموت 

كساه بطيلسانه!

طعنوه في الظهر 

و سلموا سلاحه 

للعدو

أمانة!

ثم أعلن الثلاثة 

التوبة.. 

عما كان 

فكوفئوا على 

شجاعتهم 

و اعترافهم الجرئ!

أصبحوا 

وزراء مملكتي المهانة!

الأول وزير العدل 

و الثاني وزير الأمن

و الثالث وزيراً 

للخزانة!

***

حكاية مدينة الأشباح  

في موسم الجفاف 

أحتفلنا..

بحصاد الشوك

و حمل الرجال 

أجوالة مليئة

بالقش..

بدل الخراف

السمينة!

و فاز أسرع المتسابقين 

و -بالصدفة-كان مكتوباً 

على جواله

عجلا!

***

في زمان الإحباط 

كثرت الأعياد 

و امتلئت حياة البسطاء 

بأفراح مستعارة!

صار يوم القتل

لا يوم الإعتراف 

عيداً 

للبراءة!

و يوم تسليم المدينة 

-بلا قتال-

صار اسمه

يوم الجرأة!

***

و لأن حكامنا المظفرون 

لا يعترفون 

بالهزيمة!

أحتفلوا مع العدو

المنتصر

و اشتركوا بالجريمة!

أقاموا مهرجاناً 

للعب

و أقتلعوا الشجر

المتطاول 

و أعدو حفلا

لشواء 

أطفال المدينة!

***

و هام الناس 

في الشوارع 

ذاهلين!

عندما نعق 

شيخ السلطان 

سلاماً 

على الصابرين 

موتوا دون إلتحام

أو مقاومة

تدخلون الجنة

آمنين!

فانفجرت قلوب 

من عاينوا ذاك

الحدث!

عبثاً ماتوا

كما عاشوا

و تبقت الغربان

تحوم 

حول الجثث!

***

حكاية عودة البطل

في ذلك الزمن البعيد 

أنجبت 

زوجة الشهيد 

ولداً 

ربته في صحراء النكران

حتى كبر 

و اشتد عوده 

صار مثل أبيه

أسد

عاد للمدينة 

فلم يعرفه أحد!

و عندما طلب 

الثأر 

قالت عجائز المدينة 

الفارس المغدور

ليس أباه

رغم أنه يشبهه 

-بعض الشبه-

لكن الأبوة

ليست بالإشتباه

و اتهموا أمه الطيبة

بالزنا!

فماتت مقهورة 

من عارنا المعلن

إنك لا تعلم

-يا مولاي-

كيف تموت البريئة 

عندما في شرفها 

تطعن!

***

لنعد للفارس البطل

الذي ما ترك الحسام

و ما غفل 

قالت رعاة المملكة 

ليته يستسلم!

ليعم السلام 

ماذا جنينا من الصدام؟! 

لكنه لم يلتفت 

قد عاش مائة 

من سنين  

على حسب العدد

و قالت الدهماء 

سيعيش

للأبد

لكن حكمائنا قالوا

إن هذا مستحيل 

-على الأرجح-

الفارس المغدور

لم يترك ولدا!

و هذا الولد

-المزعوم-

لم يقاوم يوماً 

و لا حتى انوجد!

و نام الحكماء 

سعداء..

رغم أن السلام

لم يغمر الأرض 

و لا الحرب انتهت!

و ظل الدم آرثاً 

ثقيلا..

توارثناه جيل

بعد جيل 

فحكامنا العقلاء 

برئوا القاتل

و اتهموا القتيل!

***

حكاية شهرزاد الأخيرة 

سوف أصمت 

بعدما فرغت

حكاياتي 

التي لم تروقك

عن الجوعى 

و أشباح المدينة 

فلقد سئمت 

من هذا العقوق

و سمئت

من رخاوتك البدينة

و يا عجبي كيف نمت؟!

قرير العين

-متخما-

و البرد 

يكسو الأرض 

الجرداء

و الجوع 

كالطاعون يفتك

بقريتنا الحزينة!

***

تبقت حكاية أخيرة

يبوح بها الشهيد 

نزفا

من الوريد 

يهمس بها للأرض

اليباب 

فتتخضب وجنتيها 

بالدماء 

و تخصب!

تبوح بالورد و الأقحوان

يكسوها الربيع رداءاً 

أخضرا

و تعشوشب

و يولد الفجر 

طفلاً 

يقرقر

بضحكات منيرة!

***

مولاي.. لا تغضب 

إن كتمت عنك 

هذي الحكاية الأخيرة 

و ما جدوى الحكي-أصلا-؟! 

و حكاياتي الكثيرة

لم تثر فيك يوماً 

نخوة

أو غضبة كبرياء 

فالحكايا التي كتبت 

بالدماء 

لا تصلح

لمجالس اللهو والطرب

هذي إساءة للأدب!

و أنا اكتفيت من هذا الغباء 

سوف أرحل هذا الصباح 

فإذا ما أقبل ليلك

البليد

و لم تجدني

فلا تبدأ في صياحك 

و البكاء 

و لا تبحث كثيرا

ارتدي ثياب السهرة 

و أرقص بسيفك الخشبي

الذي طلسم فيه السحرة

تعويذة 

من دموع القهر

و دما الأبرياء

و الوشايات الحقيرة

و اشرب 

حتى ينبلج الصباح

فديكنا الصداح..

لن يبدأ في الصياح 

حتى تنتصف الظهيرة!


انتهت الحكاية 

و هذا ما كان في حاضر الزمان 

قصص تليجرام