قصص تليجرام

هاربة من الفردوس (كاملة)

 هاربة من الفردوس الحلقة الاولي (مسجونة)

"أشعر بالإختناق.! تصوري أن اجازة الصيف قاربت على الإنتهاء..و أنا لم اخرج من المنزل..منذ آخر أمتحان!"

قالت"حفصة"لصديقتها الجديدة على الفيسبوك..قبل أن تضيف شاكية:

- صديقاتي ذهبن إلى المصاييف..حتى إن بعضهن لبسن المايوهات،و تصّورن بها!..و ستجدى بعض هذه الصور على صفحتي!..و أنا بالكاد أستطاعت أمى إقناع أبى، بالسماح لى بإرتداء نقاب أبيض اللون..من أجل الزى المدرسى!..حين أخرج بهذا النقاب أشعر بأننى أرتدى كفناً!

- كان الرب في عونك!..أنت مازلت صغيرة..يجب أن تعيشي سنك!..و أنا التى كنت أحسب ،أنه لا يوجد من هو أكثر تزمتاً من أبى!..لا أعرف ما الذى يجعلك تصبرى على كل هذا؟!..ألم تفكرى فيما عرضته عليك؟

- ما  تطلبيه منى صعب!..صحيح أننى أريد الخروج من هذا المنزل..لكن ليس إلى حد الهجرة إلى أستراليا !..ثم  موضوع تغير الدين هذا أسمحي لى...

بادرتها"جاكلين"بالمقاطعة:

- أنا كنت أفكر مثلك!..في البداية ترددت كثيراً..لكننى اكتشفت أن هذا هو الحل النهائي لجميع تحكمات أهلى!..تصورى أن أبى فرض علي الحجاب منذ كنت فى الثانية عشر!

ردت"حفصة" و هى تبتسم بمرارة:

- أبى أجبرنى على ارتداء النقاب في سن الرابعة عشر!..أما عن الحجاب فقد لبسته و أنا ذاهبة للحضانة!

هتفت"جاكلين"فى انتصار:

- أرأيت؟!ماذا ستنتظرى بعد؟!حتى يدخل عليك أبوك،و فى يده عريس الغفلة؟!..و تخرجى من سجن أبيك إلي سجن زوجك!

صمتت"حفصة"تفكر..فوجدتها"جاكلين"فرصة طيبة لتضيف:

- بعد أن تنصّرت..رتبوا لى كل شيء!..جواز سفر بأسمى الجديد،و أوراق الهجرة و اللجوء!..الآن أنا حرة!..و لدى منزل جديد،وسيارة جديدة،وصديق أسترالي وسيم!.."باترك"..لقد حكيت لك عنه!

- ألم تقولى أنه يدعى"بيتر"؟!

ضحكت"جاكلين"قائلة:

- "بيتر"إسم الدلال الخاص به.

قالت"حفصة"فى تردد: 

- لكن موضوع أن يعيش معك،فى بيت واحد،و أنتما لستما متزوجين..أمر يعنى..

نفخت"جاكلين"فى ضيق:

- هذه  هى الأفكار المتخلفة،التى تركت مصر من أجلها!..هنا الجميع يعرف أن"باتريك"صديقي..جيراني و زملاء الجامعة!

-الزواج عندكم إشهار..و على هذا نكون أنا و صديقي-وما دام الجميع يعرف- متزوجين!

صمتت "حفصة"قليلا ،و قد صدمتها كلمة"عندكم"..و فكرت فى نفسها أنه ما دام الجميع يعرف فهما متزوجين بالفعل!

لكنها و بالرغم من ذلك لم تكن تشعر فى داخلها بالارتياح !

لاحظت"جاكلين" شرودها..فغيرت الموضوع بسرعة وسألت:

- ماذا تفعلين الآن؟

- لا شئ!..سأنتظر مدرسة الأحياء،التى تدرسنى فى المنزل!

شعرت"جاكلين"بالسرور..حين لاحظت غضب"حفصة"،و هى تضغط على كلمة"المنزل"حتى كادت تكسر أسنانها البيضاء الجميلة..و أضافت فى خبث:

- سأتركك لتتلقى تعذيب مدرستك المنزلية..و أجهز نفسى للخروج مع"بيتر"لنتعشى فى مطعم قريب من منزلنا.. سلام!

**************************

خلعت"جاكلين"البلوفر الذى كانت ترتديه فوق بيجامة شورت.. و ألقته على السرير!..قبل أن يضرب"أسعد" مؤخرتها المثالية مداعبة..فتاوهت فى غنج..قبل أن تقفز لتجلس على ساقيه!

- أى!..لقد المتنى..

-إلا يكفى ذلك البلوفر الذى اجبراتنى على ارتدائه فى هذا النحو القائظ؟!

استلقى على السرير،و  استلقت"جاكلين"فوقه،و قد وضعت رأسها على صدره..قال بعد لحظة صمت:

- التفاصيل مهمة جداً يا"نانى"!..أستراليا فى النصف الآخر من الكرة الأرضية..و حين نكون نحن فى فصل الصيف..تمطر ثلوجاً فى أستراليا!

- لكن تلك الفتاة،لا تكاد تخرج من بيتها!..حتى أنها لا تعرف شيء خارج أسوار فيلا أبيها..و بالتأكيد لا تعرف شيء عن أستراليا!

- ربما درست عنها شيئا..أو بحثت عن معلومات عنها على الإنترنت!..دعينا من هذا و اخبرينى..فى رأيك كم سيستغرق الأمر،حتى تنفذ ما طلبتيه منها ؟

- لا أعرف!..أحياناً أشعر أنها لن تأتى أبدا!

قال"أسعد"بثقة:

- ستأتى!..ستحتاج بعض الوقت حتى تطمئن..لكنها ستأتى فى النهاية!

برقت عينيها فى جشع و هى تقول:

- كم أتشوق إلى ذلك اليوم!..لقد أخبرتني أن ما لديها من الذهب يتعدى ثمنه الربع مليون جنيه!*

أزاحها من فوق صدره،و هب جالسا كالملدوغ، و هو يمسك رسغها بقسوة

- و هل سألتيها ؟!

- أترك يدى!..لقد ألمتني!..نعم سألتها لاطمئن!

حرر يدها،و خبط وجهه بيده فى حنق قائلا:

- يا حمقاء!كيف تفعلى شئيا كهذا؟!.. لا نريدها أن تشك فى شئ!

ثم لوّح بأصبعه منذرا

- أياك أن تكررى مثل هذه الغلطة!..مفهوم يا"نوال"؟!

هزت رأسها موافقة فى قلق..فعاد يسأل:

- هل شكت فى شئ؟

- لا..لا أظنها فعلت!

- حسنا!قالها و قد هدأ قليلا..قام يجوب الغرفة جيئة،و ذهابا فى شرود..قبل أن يغمغم بصوت خافت،كأنما يحدث نفسه

- إذا كان لديها كل هذا الذهب..فلابد أن أمها تملك الكثير من الذهب..و ربما النقود أيضا!

تمتمت"نوال"موافقة:

- بالتأكيد!

أضاف"أسعد"و قد تلاعب الجشع برأسه هو الآخر:

- حسنا..ألمحى لها أن تجمع كل ما تقدر على جمعه حين تنوى المغادرة!

- دون أن تجعليها تشك،فى شئ طبعا..حتى تكتمل الخطة!

أومات برأسها موافقة..و قد بعثت لهجته الواثقة الأمل فيها أن تنجح خطتهما،فى النصب على تلك الفتاة الغريرة!.. حتى أنها رأتها بعين الخيال..تجمع ثيابها،و ما تطوله يديها من أموال أبيها..قبل أن تهرب ،و سرها هذا الخاطر كثيرا!..و ارتسمت على شفتيها إبتسامة رضا!

*******************

* حدثت هذه القصة قبل عام 2013

*******************

يتبع...

هاربة من الفردوس الحلقة الثانية (قرار متسرع!)

 أخذت"حفصة"تدور فى غرفتها كقطة حبيسة..و هى تفكر فى محادثتها مع"جاكلين"..و تفكر فى أبيها وأمها،و أشقائها السته ..بالتأكيد سيظلوا جميعاً يحصون عليها أنفاسها..كل كلمة أو خطوة ،أو حتى حلم تحاسب عليه!..كل هذا لأنها فتاة؟!..الفتاة الوحيدة بين نصف دستة أولاد!..و مع ذلك لم يدللها أبوها،و لم تدللها أمها!..بالعكس يحبسانها فى البيت..لا تخرج إلا للذهاب إلى المدرسة!..أحياناً تسأل نفسها لو كانت لديها شقيقة..هل كان أبوها سيضربها بالحذاء؟!

و بينما هى على هذا الحال..طرق أحدهم الباب 

"- أدخلى "قالت "حفصة"فلم يكن معها فى البيت سوى أمها و الخادمة.

فتحت أمها الباب،و على شفتيها تتراقص ابتسامة ـ لم تفهم"حفصة" مغزاها!

- أجل يا أمى..ما سبب هذه الأبتسامة السعيدة؟!

اتسعت إبتسامة الأم..و هى تقول بفرح:

- خيراً يا ابنتى..كل خير إن شاء الله!.. سيخبرك أبوك حين يعود من المصنع!

شعرت"حفصة"بالغيظ..و سألت  محتدة:

- و هل سأنتظر حتى يعود بعد المغرب ليخبرني؟!

لم تلتفت الأم لما فى لهجة ابنتها من حدة..أو لعلها لم تنتبه لحدتها..و ردت بسرعة:

- أطمئني لن انتظرى طويلاً.. فسيعود أبوك مبكراً اليوم!

هتفت"حفصة"فى حنق:

- و لما لا تخبرينى أنت؟!

شاب إبتسامة الأم بعض الخجل..الذى زاد ملامحها الوضاءة حسناً على حسن ..و هى تقول:

- لقد حلفنى أبوك أن أترك له مهمة إخبارك !

ثم احتضنتها على نحو مفاجئ..ضمتها بحنان،و ربتت على شعرها الفاحم،وهي تقول بغبطة تحسد عليها:

- كم كبرت يا"حفص"!صرت عروساً يستحى منها القمر!

***********

"عريس!" هتفت"نوال"أو"جاكلين"فى دهشة ممزوجة ببعض الحسد الذى لم تنتبه إليه محدثتها الغاضبة..التى قالت

- أجل..عندما عاد أبى عصراً،أخبرنا بأن"عبدالله" ابن عمى يرغب أن يتزوجنى! ..يسألني إن كنت موافقة..حتى يحدد له موعد الرؤية الشرعية..حيث أنه لم يرى وجهى منذ أكثر من أربع سنوات! 

 سألت"نوال"بقلق حقيقي:

- و أنت ما رأيك؟!

قالت"حفصة"فى تقرير:

-"عبدالله"شاب وسيم..و متعلم،و لديه مشروعه الخاص..لكنه متزمت أكثر من أبى،و إخوتي..يعني أننى سأخرج من سجن إلى سجن!

- لو لم أعرف عن الفرصة التى تنتظرني بفضلك..لما وجدت سبيلاً لرفضه..لكننى لن أتزوجه أبداً، و إن مت!

- و هل رفضتيه؟!

- لقد قال أبى إننى حرة فى الرفض،أو القبول..لكننى أعرف إننى إذا رفضت سيسلط أمى ،للإلحاح عليّ بالقبول!..لهذا لم أرد!

- لكن أبيك سيظنك موافقة!

- ليظن أبى ما يشاء!..لأننى سأهرب..و فى أقرب وقت!


يتبع...

هاربة من الفردوس الحلقة الثالثة (المخدوعة!)

قفز"أسعد"ليحتضن"نوال"و هو يكاد يطير فرحاً بما سمع!

- أخيراً حانت اللحظة!هتف فى غبطة..قبل أن يسأل:

- هل أنت متأكدة من أنها وافقت؟!

هزت"نوال"رأسها و هى تقول فى كآبة:

- أجل وافقت!

- على الهجرة و تغيير الدين!

- أجل!

- لكن ما الذى غير رأيها بهذه السرعة؟!

- لقد تقدم عريس لخطبتها!

نظرت فى عيني"أسعد"و هى تضيف بضيق:

- عريس ممتاز فى الواقع!..و حين ظننت أن العملية فشلت..فوجئت بها ،و قد وافقت على الهروب!

لاحظ"أسعد"الضيق البادى على رفيقته..فسألها بدهشة:

- ما بك؟!.. ألم يكن هذا هو ما نريده؟!

- أجل ..لكننى أشعر بالضيق!..و بأن الله إن سامحنا على النصب على هذه الفتاة،و سرقتها..فلن يسامحنا أبدا..على أننا كنا السبب فى إقناعها بتغيير دينها!

جذبها"أسعد" من الهوت شورت الذى ترتديه،على نحو مفاجئ!و قال ساخراً..و هو ينظر إلى عضوها المكشوف:

- أتعلمين ما هو أكثر شئ يعجبني فيك؟..تدينك المبالغ فيه!

أبعدت يده..و قد أحمر وجهها في غيظ..لكنها لم تقل شئ!

ضحك ..كأنما ألقى للتو نكتة ظريفة!..و امتزجت ضحكته الصاخبة..بصوت قبيح خرج من أنفه..ثم عاد بعدها يسألها بجدية:

- و على أى موعد أتفقتما لنقوم بتهريبها؟

- بعد غد..حتى تتمكن من جمع كل ما تحتاجه من ملابس و نقود!

أضاف "أسعد":

- و الذهب؟

- والذهب بالطبع!

قال"أسعد"بلهجة حالمة:

- حين تصبح هذه الأموال ملكنا..سأدللك!

لم ترد"نوال"..و تمنت فى قرارة نفسها..لو أنه قال سأتزوجك!

و تذكرت عريس"حفصة" ..و امتزج داخلها الغضب ،و الأسف بالغيرة!..و تمنت لو كانت مكان تلك الفتاة الحمقاء المدللة!

و فجأة خطر لها خاطر غريب!..جعلها تسأل"أسعد"المنهمك  بمشاهدة التلفاز:

- "أسعد"؟!

نظر لها ..فسألته بجدية:

- هل "أسعد" هو أسمك الحقيقي؟!

أدار"أسعد"أصابعه بجوار رأسه..إشارة تعنى هل أنت مجنونة؟!

ثم عاد ،يتابع التلفاز دون أن يرد عليها!

فكرت فى أنها مجنونة بالفعل..لإنها قبلت أن تعاشر رجلاً-دون زواج-لمدة خمس سنوات..و هى لا تعرف  أسمه الحقيقي حتى!..و لعنت الظروف التى جعلتها تقبل-رغماً عنها- مثل هذا الوضع الشاذ!..لكن ماذا كانت ستفعل،و هى يتيمة الأبوين..و ليس لها ماوئ إلا الشارع! ..و وجدت نفسها-و دون أن تدر- تقول بحرقة وغيظ:

- الله يخرب بيتك يا"حفصة"!

**************

غادرت"حفصة"بيت أهلها..و هى ترتدى ثياباً سوداء..و تحمل حقيبة سفر،فيها ثيابها و ذهبها،و هاتفها المحمول..تلفتت حولها بحذر لتتأكد من أن أحدا لم يرها!..  

مشت بسرعة تقترب من الهرولة..و عباءتها الواسعة تحد من حركتها..حتى أوشكت على الخروج من الشارع..عندما ألتفت إلى الوراء لتلقى نظرة أخيرة..على البيت الذى تربت فيه..فيلا الفردوس..فقد كان أبوها قد أطلق على الفيلا اسم عمتها فردوس!..و ابتسمت فى قرارة نفسها فى سخرية

- لقد تركت لكم "فردوسكم"المزيف،لأعيش فى الجنة الحقيقية..جنة الحرية!

كانت قد بحثت كثيراً على الإنترنت ،عن معلومات عن أستراليا..فرأت أجمل ما فيها بطبيعة الحال،من خلال النشرات و الدعاية!

أسرعت تنعطف فى الشارع الذى تنتظرها فيه"نوال"داخل سيارة سوداء..بلوحة أرقام مزيفة..فتح لها"أسعد"الباب الخلفي من مكانه،داخل السيارة..فقفزت لتركب بجواره..و انطلقت السيارة بسرعة.. فى حين رفعت"نقابها"،قبل أن تسأل"نوال"و هى تشير إلى"أسعد"

- من هذا يا"جاكلين"؟!

ردت"نوال"وهي تتابع القيادة:

- أنه"شادى"المسئول عن شئون المتنصرين الجدد.

مد"أسعد"الذى وضع شارباً مستعاراً.. كما غير لون و تسريحة شعره يده ،ليصافح يدها مبتسماً

-"شادى أبانوب"..اهلاً وسهلا بك يا آنسة....

- حف..بترت كلمتها فى تردد، قبل أن تحسم أمرها ، و تجيب:

- "حفصة عمر"!

رفع"أسعد"حاجبه الأيسر مستنكرا!

فقالت"نوال"بسرعة..و هى تناول"حفصة"علبة عصير:

- بالطبع سنختار لك أسماً جديدا!  ما رأيك فى أسم"ماريان"؟

احتاجت"حفصة"رشفة كبيرة من العصير،لتبتلع أسمها الجديد الذى لم تستسيغه! ..و سألت نفسها إن كانت قد تمادت أكثر من اللازم!..و فكرت ماذا سيحدث لو عادت الآن دون أن يلاحظوا!

..لكنها كانت مجرد فكرة عابرة..لقد إجتازت بقعة الزيت..و لم يعد التراجع ممكناً!..فحتى لو كان ما تفعله الآن خطأ فهي ليست المخطئة وحدها!..بل أن أبويها شاركا- ربما بالنصيب الأكبر - فى هذا الخطأ!..كذا بررت لنفسها.. و هى تفكر فى تسرع و رعونة قرارها!

- إن لم يعجبك الأسم ..يمكنك اختيار غيره!قالت"نوال" 

فردت"حفصة"كاذبة:

- و لما؟!لقد أعجبنى الأسم..إنه أسماً جميل!

سحبت شفطة طويلة من علبة العصير..و هى تفكر كيف سيبدو شكل أبيها..حين سيعلم أن ابنته"حفصة"صارت "ماريان"!..بل و طارت من قفصه المخملي،و لن تعود!

إنها على إستعداد أن تنام فى الشارع!..و تراه يعني هذا الألم!

شرقت"حفصة" بغصة مؤلمة،و هى تفكر فى أمها..تلك اليمامة الوديعة،مهيضة الجناح..و إلاما ستتعرض له من أذى!..ثم عادت لتفكر، فى أنها هى أيضا تستحق أن تتجرع من نفس الكأس، الذى سيشربه زوجها،و سيدها!

 ..أليست هى التى عاشت فى ظله معدومة الشخصية..لا تتحرك أو تتكلم إلا بإشارة من أصابعه!..

"فى ماذا سرحت يا"ماريان"؟!..لقد كان" شادى" يكلمك!"

انتبهت"حفصة"،و قالت:

- أنا معك!..ماذا كنت تقول يا أستاذ"شادى"؟!

- كنت أقول أننا سنذهب الآن إلى كنيسة"......"ليتم تعميدك على يد الكاهن"بيشوى سمعان"..بعدها ستقيمين بذات الكنسية بعض الوقت ..حتى ننهى أوراقك..بعدها تسفرى إلى أستراليا،مع الآنسة"جاكلين"!

سقط قلب "حفصة"بين قدميها..حين علمت أنها ستبقى بمصر،بعض الوقت!

- هذا غير ممكن!لو وجدنى أهلى سيقتلونني!صاحت"حفصة"برعب..فرد"أسعد"مطمئناً

- لا تخشي شيئا يا آنسة!لن يستطيع أحد أن يصل إلى مكانك.

جفّ حلق "حفصة"فجأة..فتجرعت ما تبقى فى علبة العصير على دفعة واحدة!..و قد انتابها شعور مزعج ،بالقلق و التوتر!

فقالت"نوال":

- لما أنت قلقة هكذا؟!..أستاذ"شادى"محق!فهذا تقريباً نفس ما حدث معي!..اخبرينى..كيف تمكنت من الخروج،دون أن يرك أحد! 

- انتظرت حتى نام الجميع..و سرقت المفاتيح..و ارتديت عباءة أمى،و نقابها!..أول مرة..اش....أشعر ..بال..فائدة....

و لم تكد تكمل عبارتها،حتى تدلت رأسها على صدرها، و قد فقدت الوعى! 


يتبع...

هاربة من الفردوس الحلقة الرابعة ( نجاح باهر!)

مدت"نوال"يدها لتفتح حقيبة"حفصة"..فضربها"أسعد"على أطراف أصابعها كأنما يضرب طفلة صغيرة!..قال بحزم:

- ليس الآن!

قالت فيما يشبه التوسل:

- سألقى نظرة واحدة!

- فى البيت يا"نانى"..لا تكونى طفلة!

ثم أردف فى جدية:

- يجب أن ننهى عملنا أولا.

ألقت"نوال"نظرة على"حفصة"النائمة..و سألت فى حيرة:

- ألم يكن أفضل أن نخدرها فى الفندق،الذى سنتركها فيه؟!

- كيف سندخلها حجرتها،دون أن يشك أحد ؟!

قال"أسعد" ببرود":

- و من قال أننا سنتركها،فى فندق؟!

قالت فى دهشة:

- أنت!

- لقد غيرت رأيي !..سنتركها هنا!

نزل من السيارة..و نزلت"نوال"التى مسحت ببصرها المكان القفر،الذى وصلا إليه..قبل أن يناديها"أسعد"لمساعدته فى حمل الفتاة..قاما بحملها،و ألقيها خارج السيارة إلقاء!

ألقت"نوال"عليها نظرة خاطفة..قبل أن تقول فيما يشبه الهمس:

- لا أعرف ما سيحدث معك حين يجدك أهلك!

- ماذا قلت للتو؟! 

- كنت اتسأل ماذا سيفعل بها أهلها عندما يعثروا عليها !

تبسم ساخراً،و هو يقول:

- اطمئنى..لن يضايقوها كثيراً!

***

فتحت"نوال"الحقيبة..و صرخت بفرحة عارمة..حين رأت  كومة الذهب ،الموضوعة بداخل علبة خشبية،مطعمة بالعاج، و الصدف..

- كل هذا الذهب اشتراه لها أبوها؟! لقد بدأت أندم،على إننى لم  أقنعها بالموافقة على الخطبة لابن عمها،قبل أن تفر!

سألها "أسعد "باسماً فى إستهزاء:

- و لما ؟!

فركت كفيها فى جشع:

- بالتأكيد كان سيشترى لها شبكة محترمة!

 رد ضاحكا:

- من الجيد إذاً أنك لم أفعلى..فلربما كانت غيرت رأيها!

تربعت بجواره على الأريكة..و قد ضمت كتفيها أمام وجهها..و هى ترنو إلى الذهب بخشوع..كأنما أنهمكت فى صلاة وثنية ما..قبل أن تلتفت إلى "أسعد"سائلة:

- و كيف سنبيع هذا الذهب؟!

قال"أسعد":

- لقد حكيت لك أن أبى كان صائغاً..و باع محله حين افلس ..لكنه لم يبع ورشته..و أنا لدى فكرة عن العمل..سأسبك هذا الذهب ،و أعيد تصنيعه ..هكذا لن نخسر مليماً من ثمنه الحقيقي!

صفقت بيديها كطفلة سعيدة ..و هى تضيف:

- و نفتح محل مصوغات ..و نتوب عن النصب..و نفتح صفحة جديدة!

ربت على كتفها.. قبل أن يضمها إلى صدره،و هو يهمس:

- لم يحن الوقت بعد للإعتزال..سنقوم بعملية أخرى أو اثنتين..بعدها  أعدك  أن نبدأ صفحة جديدة!

شعرت بالقلق من كلامه..فمن يدريها ألا يقبض عليهما في المرة القادمة!

و فجأة تذكرت شيئا جعلها تسأل:

- "أسعد"..لقد قلت أن أهل"حفصة"لن يضايقوها حين يعثروا عليها!..فما الذى جعلك تظن هذا؟!

هز كتفيه في إستهانة..و هو يقول ببساطة:

-  لأنك لن تستطيعي أبدا ،مضايقة شخص ميت،مهما فعلت!

يتبع...

هاربة من الفردوس الحلقة الأخيرة (القاتلة البريئة!)

دلف الحاج"عمر"و أخيه الحاج"كامل" إلى ثلاجة المشرحة،بخطى متثاقلة..قبل أن يفتح العامل أحد الأدراج..ليعرض عليهما جثة"حفصة"ابنة الأول..ذات الثمانية عشر ربيعاً..سأله ظابط المباحث:

- هل تعرفت عليها ياحاج؟

لم يرد عليه الحاج"عمر"على الفور..فقد كان يسأل نفسه بماذا أخطئ بتربيتها،حتى تفعل ما فعلت به و بنفسها؟!..لقد عاملها كما تعامل الجواهر!..و أهتم بتعليمها،وقد رزقه الله رزقاً واسعاً.. فلم يحرمها من شئ..لكنها فى النهاية قابلت صنيعه بالكفر و الجحود!..لماذا فعلت ذلك؟!

"- هل هى ابنتك يا حاج؟"سأله الضابط مجدداً..هز الحاج"عمر"رأسه نافياً..قبل أن يقول ببطء:

- لا ليست هى!

نظر له الحاج"كامل"بإستغراب..قبل أن يقول للضابط:

- بل هى"حفصة"أبنة أخى!

صاح أبوها فى ثورة،و دموع الغيظ تنحدر من عينيه

- لا. .ليست ابنتى..لن أستلم جثتها!

ربت أخوه على كتفه مهدئا

- أهدأ يا أخى..تمالك نفسه بالله عليك ! قالها قبل أن يعتذر للضابط :

- أعذره يا حضرة الضابط..أنت تقدر الظروف..أعنى صدمته لوفاة ابنته الوحيدة..أنا عمها و سأستلم الجثة بدلاً عنه!

 هز الضابط رأسه متفهما:

- أجل بالطبع..فقط أرجو منك التوقيع هنا على هذا المحضر .

أمهر الحاج"كامل "المحضر بتوقيعه..و هو يقول بصوت خفيض:

- هل تسمح سيادتك بكلمة على إنفراد؟!

- أجل بالطبع..تفضل!

أبتعدا قليلاً عن الأب المكلوم..قبل أن يسأل الحاج "كامل":

- هل عرفتم من قتلها؟

- التحقيق مازال مستمراً..لقد كانت تراسل فتاة على فيسبوك-نصابة- تدعي أنها تعيش في أستراليا..و هى من اقنعتها بالهرب ..و أعتقد أن لديها شركاء..لكن الحساب الوهمى الذى كانت ترسلها منه تلك النصابة تم إغلاقه..كذلك خط الهاتف الذى اتصلت به  القتيلة مغلق-كما أنه غير مسجل-و سيارة الهروب كذلك كانت مسروقة..و بأرقام مزيفة أيضا!

************

نظرت له "نوال" مذهولة..ثم صرخت في جنون :

- ماتت؟! ..لم يكن هذا ما اتفقنا عليه! 

- يا شيطان!..لقد قلت أنك ستضع لها منوماً لتخدرها!

حاولت ضربه على صدره بقبضتيها المضمومتين ..فأمسك رسغيها بقوة،و هى يهتف:

- أهدئى يا فتاة!

نزعت كفيها من قبضتيه،و هى تصيح فى غضب:

- ماذا وضعت فى تلك الحقنة اللعينة؟!ألم تكن حقنة منوم؟!

رد ببرود:

- كان منوماً بالفعل..لكنه ممزوج بسم سريع المفعول!..و أنت من حقنت العصير..هذا يعنى أنك أنت من قتلتيها!

بكت فى مرارة،و هى تقول بندم:

- أنا لم أكن أعلم!

- لقد فعلت هذا من أجلنا!..لو تركتها تعيش كانت ستدلى بأوصافنا..و ندخل السجن!

تركت جسدها يسقط على الأريكة..و قد هدها الخوف و التعب..تكورت على نفسها تبكى بصمت،و هى تغطى وجهها بيديها..لقد كذب عليها"أسعد"بالتأكيد!..

فقتل"حفصة"لم يكن ضرورياً كما يحاول يفهمها!..فهما أعتادا النصب على الناس خلال السنوات الخمس الفائتة..لكن هذه أول مرة يرتكبا فيها جريمة قتل!..و تذكرت كيف كان"أسعد" يتحدث عن تلك الفتاة المغدورة بمزيج من المقت ،و الإحتقار!..لهذا قتلها!

..لكن أسوء ما فعل ،هو أنه  ورطها فى جريمته..ليضمن أنها لن تبلغ عنه!

و بينما هى كذلك سمعت صوت باب الشقة و هو يُغلق..رفعت"نوال"رأسها و أجالت بصرها فى الشقة..فلم تجد"أسعد"الذى خرج للتو..و تمنت لو أنه  خرج و لن يعود!..فقد بدأت تشعر بالخوف منه!

*********************

و بعد مدة قصيرة بدأ"أسعد"فى التخطيط لعملية نصب جديدة،بمعاونة شريكته..و بينما كان يجلس فى أحد المقاهى،يقرأ الجريدة،و يشرب فنجان من القهوة..وجد خبراً صغيراً،عن جريمة الإحتيال الألكترونية التى قام بها هو و صديقته بحق"حفصة"..و قد نشر الخبر دون ذكر أسماء..أو كثير من التفاصيل..و سّره أن التحقيق فى القضية قد أنتهى بالحفظ،و قُيدت ضد مجهول!

فطوى الجريدة و تركها على المنضدة،و دفع حساب القهوة،و غادر..

لكن تبقى حساب آخر لا يدرى متى سيدفعه!

تمت

قصص تليجرام