قصص تليجرام

سمك و جمبرى وقطة!

جلست أتناول السمك و الجمبرى..فى ذلك المطعم الفاخر..عندما اقتربت منى قطة مشمشية اللون..لها عيون خضراء جميلة..تتوسط وجه أبيض..يكلله شعربرتقالى يبدو كالتاج فوق رأسها!.. كان من الحمق أن يسأل المرء نفسه كيف دخلت هذا المكان الفاخر..فالقطط هى الكائنات-الوحيدة- التى يحق لها دخول البيت الأبيض نفسه..دون حاجة إلى أذن! 

جائعة هى..لهذا  راحت تموء بمسكنة تجيدها القطط ..لم أكن أحب القطط بشكل عام..لكننى لم أجد ما يمنع أن اعطتيها بقية طعامى-وكنت قد شبعت- ..وضعت لها الطبق على الأرض..فراحت تأكل فى نهم!..طلبت القهوة..و بينما كنت انتظرها.. أنهت القطة طعامها و أخذت تتمسح فى ساقى..

ابتسمت على الرغم منى..حين تذكرت أمى-رحمها الله-و هى تقول غضبى:

- قل عنى كاذبة ان وجدت قطة حتى ترضى أن تنظر فى خلقتك!

لكنها سرعان ما كانت تعود و تقول-حين ترضى عليّ طبعا-

- أنت تقعد على البساط..و تختار ست البنات!

كنت قد أخترت ست البنات بالفعل ..لكنها اختارت جوار ربها منذ عام!

ربما لو كنت من محبى القطط..لأخذت هذه القطة اللطيفة معى..بدلاً من العيش وحيداً بين أربعة جدران!

انحنيت نحو القطة..و سألتها ممازحاً:

- أتتزوجينى يا آنسة قطة؟!

فردت موافقة-أم لعلها رفضت- 

- مياو!

قلت و أنا اربت على رأسها:

- جبر الله  خاطرك! 

- مياو..ماو!

و كأنما لتأكد رفضها..انطلقت تجرى مبتعدة..بينما أحضر النادل القهوة..حتى أنت يا ست قطة!

انصرف النادل فأعدت الطبق مكانه فوق الطاولة..وجلست ارشف القهوة فى استمتاع..منتظراً شيك الحساب..مر وقت ولم يأت النادل!..ثم جاء ليقدم طلب الزوجين على المائدة المجاورة..ثم انصرف دون أن يحاسبنى!

- لو سمحت الشيك!ناديته متعجلاً..رد بابتسامة:

- الحساب مدفوع حضرتك!

- مدفوع؟!سألته مندهشاً:

- من دفعه؟

رد ببساطة:

- الآنسة إلتى كانت مع حضرتك.

آنسة! من دفعت لى حسابى فتاة؟!أعرف أننى  وسيم و جذاب لكن ليس إلى هذه الدرجة!..ثم إننى لم يكن معى آنسات!

سألت فى شك:

- آنسة!..أية آنسة ؟

نظر لى  متعجباً للحظة..ثم ابتسم  ابتسامة من طراز-هل هن كثيرات؟!

و أشار نحو فتاة ترتدى ثوباً برتقالياً انيقاً تخطر بقوام رشيق كأنها عارضة فى عرض أزياء !

- الآنسه ذات الشعر الأحمر هناك..هل تراها ؟

هل أراها؟..بالطبع أراها!.. هل يمكن ألا ترى الشمس فى كبد السماء؟! حتى الأعمى كان سيشعر بوهجها !

و قد كانت-تلك الفتاة- شمساً بلا زيادة أو نقصان!..

شكرته ..و انصرفت مسرعاً لأتمكن من اللحاق بالفتاة البرتقالية..قبل أن تغادر المطعم.

- يا آنسة!..هل أنت من دفعت حسابى؟!

ألتفتت إلى..فارتددت للوراء مصعوقاً!

..على مرأى عيونها الخضراء المزرقة ..التى أزعم أنها أجمل عيون على وجه الأرض!

و وجها الأبيض الذى زينه نمش لطيف تناثر فوق خداها و أنفها الدقيق!..و شفتيها الكرزتين.. التى لو ضغطت عليها لسال العصير!

و الشعر الأحمر الغجرى الذى خلق خصيصاً ..ليكلل رأسها كتاج من خيوط الشمس.

رفعت ملكة الشمس حاجبها متعجبة:

- هل تعرفنى؟!

غمرنى الإرتباك، و لم أحر جواباً..هل أخطئ النادل تلك الفتاة "المزعومة "أم لعله خدعنى ؟!

لكن عينيها بدتا مألوفتين على نحواً ما!..أكاد أجزم أننى رأيتهما من قبل!

فتحت فمى و أغلقته كالأبله..ثم قلت :

- آ...لقد رأيتك من قبل!

ابتسمت مشجعة..و سألت:

- أين؟

- فى ال......

لم أتذكر أين رأيتها بالضبط!..فصمت فى خجل..فمن الوقاحة أن تُنسى فتاة بهذا الجمال"الصاخب"

لامتنى بدلال و ابتسامة ماكرة:

- يييه..هل نسيت بهذه السرعة؟!

نظرت لها فى شك..فلم أكن متأكداً إن كانت تسخر منى أم تتحدث بجد!..فالشئ الوحيد الذى كنت متأكد منه هو أننى لو رأيتها-حتى ولو لمرة واحدة- لما نسيتها أبداً!

استدارت لتنصرف..فهتفت فى لهفة:

- أنتظرى قليلاً!..هل يمكنك أن تذكرينى بنفسك؟

طقطقت بلسانها..وهى تحرك السبابة يميناً و يساراً فى نفى:

- تؤ..تؤ..تؤ..ستتذكر وحدك!

لم أنتبه لمعنى كلامها فوراً..فقد سرحت فى شكل أظافرها المثلثة الشبية بالمخالب!..هل تبردها لتصير بهذا الشكل الغريب ؟!

عندما لمحت ما يشبه أذنين فرويتين تطلان من بين خصلات شعرها الملتوية؟!..غريبة هى الأكسسورات التى ترتديها البنات هذه الأيام!

تركتنى محتاراً..وأستدارت تمشى بليونة عجيبة-تبدو فى حركة مفصل فخذها الدائرية-كانت قد وصلت إلى المصعد الزجاجى..و قبل أن تخطو داخله..صحت:

- انتظرى..يجب أن تستردى ما دفعتيه!

ألتفت بحركة درامية..و قالت بابتسامة مرحة:

- لقد دفعت حسابى!..لن أقبل أبداً أن يدفع لى أى شخص ثمن طعامى..حتى لو كان بيننا وعداً بالزواج!

لم أفهم!..فأنا لم أعرض الزواج على أى فتاة -بإستثناء داليا-رحمها الله !..عندما لوحت ملكة الشمس بأصابعها مودعة..و قالت كلمة لم أتمكن من سماعها!..فأبتسم رجل ينتظر المصعد..بينما هبط المصعد بالفتاة الغريبة فى نفس اللحظة!

هجمت على الرجل المبتسم.. أسأله فى فضول:

-هل سمعت ما قالت؟

لم يبد عليه أنه لاحظ غرابة تصرفى .. فأجاب بإبتسامة بلهاء:

- أجل..لقد قالت أنا "لقطة"!

كانت كلمة بلا معنى!

ما معنى هذا الكلام الغريب؟!

و لا أدرى لما أستحضرت صورة الفتاة،و بجانبها صورة القطة!..كانتا متشابهتان إلى حد يثير الخيال!

و تدافعت أفكار أكثر غرابة عن الفتاة..فقد بدت لى-فى هذه اللحظة بالذات شبية بالقطط..بالأضافة لأظافرها ..و أذنى الفرو اللتين ظننتهما أكسسوار!..و عينيها ذات اللون الغريب..كانت مطابقة لعيون القطة!

و فجأة ومضت فى ذهنى فكرة غريبة..انتصب لها شعر رأسى رعباً!

و حين تذكرت حركة يدها..و شفاها..لم يعد لدى شك! ..لقد كانت تخربش الهواء و هى تقول فى مشاغبة:

- أنا القطة!

* تمت *

قصص تليجرام