قصص تليجرام

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الغدر)

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الجزء الاول)

 وقفت الفتاة الغريبة بباب بيتى،تنطق ملامحها بالخجل و الإرتباك سألتنى فى تعب ممزوج باليأس:
-لو سمحت يا حاج ..أين تقع أقرب ورشة تصليح سيارات ..لقد تعطلت سيارتي على الطريق الزراعى
  كنت أتأمل ملابسها الضيقة..و الطريقة التى تربط بها الإيشارب أسفل ذقنها
حقيبة سفرها"الهاندباج "السوداء التى تحملها على كتفها واضح من لهجتها..ومن ملبسها أنها فتاة "بندرية"
-لكن يا بنيتى أقرب ورشة تقع على مبعدة من هنا..إنها تقع تقريبا فى منتصف القرية.
تلفتت حولها فى ذعر ..وهى تجيل بصرها فى المساحة الخالية التي تحيط بمنزلى من الأربع جهات..و وضعت يدها على رأسها وقد أرتج عليها القول..نظرت لوجهي ..كأنها ترجونى أن أساعدها
- لقد مشيت مسافة طويلة حتى وصلت إلى هنا ..والآن قد غربت الشمس..و لا أعرف كيف أتصرف..ولا يمكنني العودة إلى قريتي سيرا على الأقدام.
شعرت بالشفقة عليها..فتاة وحيدة تعطلت سيارتها فى الخلاء..و ليس لديها مكانا تذهب إليه..وقد هبط الليل سريعا
-تفضلى يا بنيتى ..يمكنك المبيت عندى حتى الصباح.
لكن انا ....
قاطعتها بحزم:
لا لكن..تبيتين عندى و لا تخشي شيئا..لدي أربع بنات مثلك.
وما أن أكملت كلامى حتى أقبلت"ماجدة"ومن ورائها"رضا"و "سماح" يستطلعن خبر الزائرة..تابعت أكلمها:
-ها قد جاءت الفتيات..وسيصحبنك إلى حجرتها حيث ستبيتين الليلة ..وعندما تشرق الشمس سأذهب لإحضار ميكانيكا ليصلح سيارتك
غمغمت بكلمات شكر خجلة..قبل أن تنقض عليها الفتيات تقبيلا و إحتضانا كأنها أختا غائبة..
لاحظت وجهها المبتسم في غبطة لحفاوة الإستقبل ،وهى تدخل معهن البيت..وبالداخل كانت "رجاء"ترفع أطباق العشاء
من على الطبلية..ناديتها
-يا"رجاء"أحضرى لأختك لقمة تأكلها ثم خذيها لتنام معكن.
-حاضرة يا أبى.
ردت الغريبة بسرعة:
شكرا لك يا حاج..إننى لا أريد سوى النوم..جائعة للراحة فقط.
-أقسم بالله إن هذا...
قاطعتنى بسرعة:
-لا تحلف أرجوك..أتركنى على راحت..يكفى أنك فتحت لى بيتك-أنا الغريبة-وأنت لا تعرفنى.
هممت بالاعتراض عندما نادى المنادي لصلاة العشاء
"الله أكبر ..الله أكبر "
- الله أكبر،الله أعظم ،حسنا يا بنيتى سأذهب لأداء صلاة العشاء فى المسجد..تصبحين على خير.
-و أنت من أهل الخير.

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الجزء الثانى)

 جلست فى المندرة أقرأ قليلا فى المصحف..كانت الفتيات قد أوين إلى الفراش مبكرا ..عندما طرقت "رجاء"بابى مستأذنة:
-هل يمكنني الدخول يا أبي؟
-بالطبع تفضلى يا حبيبتى..أما زلت مستيقظة؟
دخلت بكوب من الشاى بالنعناع الأخضر،كنت قد نسيت أن أشربه بعد العشاء،-كعادتى كل ليلة-فقد انشغلت بأمر الضيفة،
لكن "رجاء"لا تنسى أبدا أى أمر يخصنى..أحيانا أشعر أنها أما لى و لأخواتها ..رغم أنها لا تكبره بكثير..
تناولت الكوب منها الساخن شاكرا..قبل أن تجلس بجوارى على الحصير ..
تشممت رائحته الطيبة قبل أن أرشف منه رشفة فى إستمتاع..فقد كان ثقيلا كالحبر حلوا كالعسل ،كما أحبه
قريبا افتقد كوب الشاى الرائع هذا..
-هل نامت الضيفة؟
-على الفور..ما أن رأت السرير حتى غرقت فى سبات عميق.
قالتها فى شئ من الضيق و خيبة الأمل..و يبدو أنها و أخواتها كن يأملن فى مسامرة الضيفة بعض الوقت
لكنها نامت كقالب الطوب،و تركتهن يفترسهم الغيظ..ربما لهذا السبب نمن مبكرا و لم يتفرجن على المسلسل التركى
-أو ربما الهندى-الحق أننى لم أكن مرتاحا لحضورها-تلك الغريبة-،و أشعر بشيء من النفور منها ..
ليس فقط للملابس الضيقة التي ترتديها،و لا مساحيق التجميل التى تغرق وجهها..لكن شيئا ما لا أدريه يجعلنى أتمنى رحيلها الآن
..فقد كنت أخاف على البنات منها!و برغم أنها هشة كفراشة،-ولا أعتقد- أنها قادرة على إيذاء بعوضة
،لم استطع دفع تلك الفكرة السخيفة بعيدا عن تفكيري..رشفت رشفة من الشاي وأنا أطمئن نفسى:
ستبيت معهن سواد الليل،و تغادر غدا..هى لن تأكلها على أى حال.
-لماذا أنت شاردا يا أبى؟.
خطفت إبتسامة و قلت لها:
أفكر فى حالى بعد أن يأخذك العريس

إلى بيته..و كم سأشتاق صباحك الحلو ،و شايك طيب النكهة..منك لله يا "محمد"!
شهقت فى ذعر:
-هل تدعو عليه يا أبى؟
-لا تخافى عليه هكذا..عمر الشقى بقى..وعما قريب يأتى هو و الوغد "سراج"خطيب"رضا"أختك و يأخذاكما و يتركانى كاليتيم.
-أحيانا أفكر فى أن طردهما و أقول لهما ليس لكما عرائس عندى..بناتى ما زلن صغيرات على الزواج..نهايته..فليكتب الله
..لكنّ السعادة أنتن و كل البنات
قبلت رأسى و قالت بحنان:
كفاك الله شر اليتم يا حبيبى..لا تقلق سنسكن في نفس القرية ،ونكون قريبين منك،ونزورك كل يوم.
أطلقت تنهيدة حارة،وسألتها:
هل ستنامين الآن؟
نعم يا أبى..هل تحتاج شيئا قبل أن أذهب ؟
-لا يا بنيتى..سأكمل وردى وأنام بعدها.

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الجزء الثالث)

"الصلاة خيرا من النوم..الصلاة خير من النوم"
استيقظت فجرا شاعرا بانقباض شديد ..فقد رأيت فيما يرى النائم، الأربع فتيات يرتدين ثياب العرس البيضاء..وجههن تتلألأ
بالضياء ،كأنهن الحور العين..و كلا من هن تجلس على سرير أبيض مطرز بحبات اللؤلؤ،يحمله أربعة رجال ك..كالنعش!
أخذني جلال منظرهن..كن كلهن على هذه الصورة حتى الصغرى"ماجدة"التى لم تكمل عامها الثانى عشر بعد!
أربع عرائس،و ليس معهن عريس واحد!..ويمشى موكبهن نحو الجهة القبلية باتجاه المقبرة!..و رأيتنى أمشي وراء الموكب
..أطلق الزغاريد كالنساء..يا ستّار يا رب!
نهضت من الفراش ،متجاهلا ألم خشونة الركب،و الغثيان الذى أشعر به عند الإستيقاظ صباحا..ذهبت لأتوضأ مبلبل الأفكار ،
..ربما سأموت قريبا ،وترتدي الفتيات ثيابا سوداء حدادا علي..و أرتاح قلبى لهذا التفسير..لكن عقلى لم يرتاح إليه تماما!
مررت بباب غرفتهن الموصد وتضاعف غمى..لا شئ يزيل هذه الوحشة من صدرى سوى رأيتهن منشرحات الصدر
 فى الصباح الجديد..لكنهن لم يستيقظن لصلاة الفجر كعادتهن..ربما استيقظت الضيفة-بالأمس-قبل أن ينمن،فسهرن يثرثرن معها
لوقت متأخر من الليل،فلم يستطعن الإستيقاظ باكرا..كذا فكرت محاولا طمأنة نفسى..الحق أنني بدأت أشعر بالنفور من تلك
الفتاة الغريبة ،و بدا لى مجيئها نذير شؤم..
أستغفر الله العظيم..ما هذا الذي أفكر فيه؟!
لابد أننى قلق بشأن زفاف الفتاتين المرتقب..و حزينا على فراقهما..و تفكيرى فى هذا الأمر هو سبب هذه الرؤيا الغريبة..
نظرت مرة أخرى تجاه الباب المغلق..حتى أنت يا"رجاء" لم تستيقظي بعد!..هممت بطرق الباب،ثم تذكرت أنه تنام معهن ضيفة غريبة،
..فعدلت عن ذلك فى اللحظة الأخيرة،ربما كن متعبات.. لا بأس فلينمن قليلا حتى أعود من المسجد،و أوقظهن..
أو ربما استيقظن وحدهن قبل عودتى ..ارتديت ملابسى مزمعا الخروج..مددت يدي لأفتح الباب.. فوجدته مواربا بالفعل!
هل نسيت أن أغلقه حين عدت أمس من صلاة العشاء؟!لا حول و لا قوة إلا بالله!
بحثت عن المفاتيح فى جيبى،فوجدتها..و بعد أن أغلقت الباب تذكرت أننى نسيت أن أتوضأ قبل أن خرج.
ماذا يحدث لي هذا الصباح؟!لا بأس لأتوضأ فى الجامع..نظرت إلى الباب الذى كنت متأكدا  أننى أغلقته بيدى بالأمس،و يممت ناحية المسجد
عندما رأيت أمرا غريبا..تمتم فى عجب:
-لا أله إلا الله!ماهذا؟!
كانت أحدى الفتيات تقف بالخارج!
شعرت بالغضب..من هى تلك الحمقاء؟و ما الذى تفعله بالخارج فى هذه الساعة؟!

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الجزء الرابع)

لهذا كان الباب مفتوحا..مشيت ناحيتها والغيظ يأكل قلبى..لقد أفسدهن الدلال على ما يبدو..لكنني سأريهن الوجه الآخر الذى لم يرينه من قبل..
تبدو قامتها مشابهة لقامة"سماح"من بعيد،لكنها بدت أنحف..إنه الغريبة!
لم تكن أحدى الفتيات أذن..أراحني هذا قليلا...لكنه جعلني أشعر بالريبة..ليس هذا سلوك فتاة مهذبة!
يؤويها تحت سقف بيتى فتفتح بابه فجرا و نحن نيام،وتنسل إلى الخارج كقطة!لماذا فعلت هذا ؟ولأى غرض؟!
إقتربت منها أكثر دون أن تلاحظ،مستغلا الظلام..كانت تتحدث في هاتف محمول.
أصغيت السمع،لم يكن كلامها مفهوما فى البداية،رغم أنها لم تكن تحاول أن تخفض صوتها
عندما اخترقت كلماتها أذنى كرصاصة أصابت مخى و استقرت فيه
-أحضر سيارة الأسعاف و ثلاث ثلاجات صغيرة.
ماذا تقول تلك الغريبة؟وماذا تفعل بالضبط؟
كانت تتحدث بالهاتف،و ظهرها ناحيتي..لم تلاحظ وجودى بعد.
-أسرع..تعال بأقصى ما تستطيع من سرعة.
وكأنما كانت تعنينى بذلك الأمر عدت إلى البيت جاريا بأقصى ما تستطيع ساقىّ المرتجفتين من سرعة..فتحت الباب بيد تهتز..وما أن عبرت الباب
حتى طرت نحو غرفة الفتيات الأربع أتعثر فى جلبابى الطويل..
فتحت الباب قبل أن أرتد إلى الوراء مصعوقا من هول المنظر..كانت الغرفة غارقة فى الدماء..الفتيات الأربع ممدات على سريرهن الذي صار أحمر اللون من كثرة الدماء التي نزفتها أجسادهن المشقوق طوليا من عظمة القص ،حتى اسفل البطن،و محاجر عيونهن التى نزعت..
ترنحت وكدت أسقط مغشيا علىّ..
سرقة أعضاء!..كنت أعرف عن الأمر ما يكفى كى لا أدع أحدى الفتيات تذهب إلى أى مكان بمفردها..لكن لم أتصور يوما أن يدخلوا بيتى..
و يقتلوا بنات الأربع..وها هى ذى المجرمة تتصل بشركائها،حتى يأتوا و يساعدوها لتفر مع غنيمتها الثمينة..بقلوب وعيون وأكباد بناتي الأربع!
بناتى اللواتى كنت لا أعرف كيف سأعيش دونهن حين يتزوجن ،ويتركن البيت..لقد كان زفاف كبرتيهن بعد شهرين!
اليوم سأزفهن إلى قبرا واحد..سيتركننى كلهن و يذهبن لينمن جوار أمهن..ترى ماذا ستقول عني؟ماذا ستقول عن"بسيمة"عنى لبناتها الأربع؟
ستقول أبيكن الخائب ضيّع الأمانة التى تركتها فى عنقه..أدخل الشيطانة حجر تكن،لتخدركن و تشرّحكن ،و هو ينام في الغرفة المجاورة ‘
لغرفتين كجوال من القمح،ثم خرجت فجرا تبغى الفرار..تظن أنها ستنجو..والله هذا لن يكون!
ولن تعيش تلك الشيطانة لترى الشروق الدانى!

قصة الأفعى التي سقتني الحميم (الجزء الخامس)

عدت إلى الغريبة التى كانت ما تزال تمسك بالهاتف،لا أدرى ما زالت تتحدث أم أنها أنهت المكالمة..عندما التفتت و رأتنى..شهقت فى فزع  و انطلقت تعدو و أنا فى أثرها..أمسكتها من شعرها تحت الطرحة التى تربطها طلبا للدفء..اخذت تضرب الهواء بذراعيها فى فزع
-دعنى..دعنى
طوقت جسدها بذراعي الأيسر و حملت جسدها النحيل تحت إبطي ،كأنها دمية،وهى لا تكف عن الصياح،والضرب على ظهرى بقبضتها
-دعنى أنا لم أفعل لك شيئا،و لم اؤذيك.
عما تتحدث تلك الحرباء؟!
هرعت جريا إلى المخزن و أضئت النور و أوصلت ماكينة الدراس بالكهرباء..جن جنونها،وأخذت تعوى
-أنا لم أقتل بناتك..إنهن بخير..صدقني ..أنهن بخير!
الغدر..خنجر رفيع مغروس فى حلقى حتى المقبض!
ماذا فعلت لك؟! بل ماذا فعلت البنات؟! لقد كن اطفالا!
بماذا آذيتك؟! ألف سؤال يثور داخلي..باطنى يغلى بالحمم،لكن بالخارج..كنت صامتا كالقبر..باردا كالموت!
الآن تتوسلين الرحمة!
و أين كانت الرحمة عندما شّرحت بناتى الأربع،وهن أحياء..و هن احياء يا كافرة!
حشرت جسدها جسدها داخل ماكينة الدراس،التى زمجرت فى غضب،و هى تنثر دمها النجس فى كل صوب..و تكوم لحمها المختلط بعظامها المفتتة على الأرض
"يا وردة فى البستان..يا حورية من الجنه..يا هدية من الرحمن..ايه بعدك عنا"
ترددت الكلمات المنغمة فى اذناى كأني أسمعها الآن ،بصوت طفلة فى السابعة..لا أدرى أكانت"سمح"ام "ماجدة"..
و طارت أمام عيناى أربع يمامات بيضاء من النافذة ذات الشيش الأخضر حديث الطلاء..نافذة غرفة الفتيات
كما رأيتها فى الحلم..كنت قد نسيت هذا الجزء من الحلم،فلم اذكره إلا الآن
"يا قلب غالى يا أمى..و حبه بعد الفرض
بعدما رحت الجنه..مفيش حنان عالأرض"
كانت الأغنية التى دائما ما تغنيها"ماجدة"بعد أن ماتت أمها..تهدد بها دميتها و الدموع تملأ عينيها
وانحدر من عينى الدمع،لكنى بادرت بمسحه بكم جلبابى..يال الاشمئزاز!لقد تلطخ ثوب ببقايا تلك الأفعى التى سقتنى الحميم
،فقطّع امعائي خبطت على الماكينة العتيقة التى مازالت تطحن عظام تلك الشيطانة و تنثرها مع لحمها و دمها تحت قدمى..
بعد قليل سيأتي من إستدعيتيهم..يبحثوا عنك فلا يجدوك!..لكننى لن أتركهم يبحثون عنك طويلا..فسأجعلهم يلحقون بك في جهنم حالا!
..لا تقلقى!

*تمت*

قصص تليجرام