قصص تليجرام

أحلى حب



"أريد شراء هذا الدب"قالها"حسام"للبائعة الحسناء،التى تعمل فى محل الهدايا..تناولت البائعة الدب الأحمر الذى أشار إليه من فوق الرف.. وضعته فوق الفاترينة الزجاجية..و شردت لحظة فى وجه"حسام"القسيم..عندما قطع شرودها قائلاً بإبتسامة محرجة:

- يا آنسة!..لقد كنت أسألك كم ثمنه؟

-هه؟.. ثمن ماذا؟!

أرتفع حاجبه الأيمن فى عجب..قبل أن تهتف الفتاة فجأة:

- آه.. أجل الدب!..ثمنه سبعمائة جنية.

أخرج من محفظته نقوداً عدها سريعاً..فوجد المبلغ أقل..

قال محرجاً:

- معى ستمائة و خمسين!

ثم أردف سائلاً بإندهاش:

- ألم يكن سعره ستمائة و خمسة و عشرون جنيهاً منذ بضعة أيام؟!

-كان هذا قبل الفالنتين..لقد أرتفع سعره من أجل المناسبة..

هناك دباديب حجمها أصغر و سعرها أقل..يمكنك شراء أحداها.

فكر"حسام"لحظة،ثم وضع يده فى جيبه ليخرج ما به من مال..قال بحسم:

- لا..سأشترى هذا الدبدوب.

نقدها الثمن كاملاً..بينما نظرت الفتاة سريعاً على أصابعه الخالية من دبلة الخطوبة..و سألت فى وجد:

- هل تحبها؟

- عفواً؟!

قالت بحزن و قد تورد وجهها بحمرة الخجل:

- تلك الفتاة..التى أشتريت الدبدوب لأجلها

شاعت فى وجهه القمحي أبتسامة حب زادته وسامة..قال بحرارة:

- نعم..أحبها كثيراً!

قالت الفتاة التى بان على وجهها التأثر:

- أنتظر لحظة!

أحضرت الفتاة شريطاً ذهبياً ..و صنعت منه فيونكة ربطتها على رقبة الدب المحشو..ثم أعطته ل"حسام"الذى تناوله شاكراً..و أنصرف..

بينما هى تراقب إنصرافه بهيام و نظرة شاردة..تنهدت فى أسف..

فقد كانت تحبه

..لكن ما الفائدة وهو يحب أخرى؟!

****

قلدت"أميرة"نظرات صاحبتها السارحة ،و هى تضع يدها على خدها ..على سبيل المزاح،قبل أن تسألها بتنهيدة مفتعلة:

- مالك؟..لما كل هذا الشرود و السرحان؟!

ردت الأخيرة فى وجد:

- لقد أشترى"حسام"هدية الفلانتين لحبيبته!

سألت "أميرة"فى عجب:

- "حسام"من؟!

-كابتن"حسام"!

قالتها بدهشة..كأنما ضايقها ألا تعرفه صديقتها التى ضحكت فى إستغراب..قالت هازئة:

- لا أعتقد أن ذلك الأحمق يحب أحداً..إنه مغرور جداً ولا يحب سوى نفسه!

قالت"همس"بإنفعال :

- لا تتحدثى عنه بهذه الطريقة! ..إنه..إنه إنسان خلوق و مجتهد..يكفى أنه يعمل و يتدرب،بالإضافة لتفوقه فى دراسته بكلية الهندسة!

- لا تنسى أيضاً أنه أفضل لاعب كارتيه فى النادى،و يحصد الميدلايات الذهبية دائماً !

هتفت"أميرة"متعجبة من حال صاحبتها:

- كل هذا!..علما كل هذا الإهتمام؟!..أؤكد لك أنه لا يستحق ربع إعجابك..أو إعجاب أى واحدة أخرى مهماً قل شأنها!

خٌيل ل"همس"أن صاحبتها مفتونة ب"حسام"..لكنها تدرى إفتتانها به بهذا النقد الشديد الذى لا مبرر له- فى رأيها-كشأن العديد من الفتيات..الكذوبات المخادعات بطبعهن!

كان هذا ما تفكر فيه عندما خرج"حسام"-من النادى-متأبطاً ذراع فتاة غاية فى الجمال و الرقة..تحتضن الدب الأحمر..هديتها!

فلكزت صاحبتها بسرعة..مشيرة ل"حسام"و حبيبته الحسناء..قالت فى حسد:

- ها هي حبيبته..أليست جميلة؟!

ضحكت "أميرة"بإرتياح كبير..قالت بسرور لم تفلح فى إخفائه:

- إنها كابتن"مرام"!

نظرت لها"همس"بتسؤل..فأضافت متهكمة :

- يا حمقاء!..هل هذه من تظنيها حبيبته؟..إنها أخته التى تكبره بأربعة أعوام!

- من يراك تتحدثين عنه ..يظنكما قد تربيتما معاً منذ الصغر..بينما  لا تعلمين أن لديه أخت!

نظرت"همس"ل"حسام"و الفتاة التى لا تستطيع أن تصدق أنها أخته..عندما دفعته "مرام"بالدب فى صدره..و هى تكلمه ضاحكة بمرح.. عبارة لم تسمعها"همس"..فكرت فى أنهما لا يمكن أن يكونان أخوين..
كان كلاهما جميلاً..لكنهما لا يتشابهان..
ف"حسام"أطول منها و أعرض-فى غير أمتلاء-كما أن ملامحه القوية لا تشبه ملامح"مرام"الرقيقة..
حتى فى لون البشرة 
..كان هو قمحياً..و هى بيضاء كالحليب!
قالت"أميرة"مبتسمة بخبث:
- هل تعلمين أن هذه القطة الوديعة..قد غلبت كابتن"حسام"فى مبارة ودية اليوم؟!
و قبل أن تتكلم"همس"وقفت سيارة رينو لوجان أمام الشابين..فتح"حسام"بابها الخلفي،ل"مرام"و أدخل الدب بعدها..و قبل أن يجلس هو بجوار أخته و دبها
..إنفتح باب السيارة الأمامى..فركب بجوار السائق..
علقت"أميرة":
- إنها سيارة الملازم"وسام"أخيهما الأكبر.
ردت"همس"بضيق:
- أعرفه..
سألت"أميرة"بدهشة:
- تعرفين"وسام"و هو لا يأتى إلى النادي كثيراً..و لا تعرفين"مرام؟!
قالت"همس"متضايقة:
-لقد أخبرنى أنه أخو الكابتن"حسام"حين كان يحاول مغازلتي..رغم أنه كان يرتدي دبلة فى خنصره الأيمن!
******
فتح"وسام"باب السيارة الأمامي..و قال لإخيه مازحاً:
- ما شاء الله!..هل سأعمل سائقاً لك أنت و أختك؟!..تعال أركب جواري يا حبيب القلب!
ركب"حسام"بجوار أخيه..عندما علقت"مرام"ضاحكة و هى تحتضن الدب الأحمر:
- أنتما الأثنان أذن تعملان لدي أنا و دبدوبي!
سألها"وسام"رافعاً حاجبه الأيمن و مضيقاً عينه اليسرى:
- من أهداك هذا الدب يا بنت؟!
قالت و هى تنظر نحو"حسام":
- أخوك العاطفي!
نظر له"وسام"شذراً..سأل فى إستنكار:
- هل فعلها الأحمق مجدداً؟!
-لقد صارت أختك فى الثالثة والعشرين دون أن يتقدم أحد لخطبتها..بسبب ملازمتك لها فى الكلية و النادي..ستصير البنت عانساً بسببك يا أبا جهل!
ردت"مرام"مدافعة عن"حسام":
- لا تبالغ يا"وسام"!..كما أن الدب أعجبني..
- و على ذكر الهدايا..لقد أقترب عيد الأم..هل فكرتما فى هدية مناسبة لماما؟!.."وسام"..هل ستحضر هدية لماما هذا العام  أم مثل كل سنة؟!
رد ضاحكاً:
- مثل كل سنة طبعاً!
ردت"مرام"لائمة:
-لكن الوضع مختلف هذا العام..أضافت قبل أن يسأل:
- فبالتأكيد ستحضر هدية لوالدة"حبيبة"..لو لم تفعل ستحزن"حبيبة"كثيراً!
رد هو بلا مبالاة:
-فلتحزن.. لا يهمنى ثم أستدرك بسرعة:
-لدينا كلبين سيتم تسريحهما من الخدمة قريباً..يمكننى تبنيهما.. ألأول من نوع البول دوج..سأهديه لوالدة"حبيبة"..كانت بحاجة لكلب حراسة..و الثانى بلود هاوند..هذا سأهديه لماما فهو بارع فى البحث..يمكنه أن يعثر على الأشياء التى أعتادت ماما أن تفقدها بإستمرار!
قالت"مرام"معترضة:
- لكن ماما لا تحب الكلاب!
قال فى مشاعبة:
- غريب هذا!..كيف لا تحب الكلاب و هى تحب كلبين مثلكما؟!
رد"حسام"ضاحكاً:
- سامحك الله يا أخى..لن أرد عليك.. فأنت أخى الأكبر..إذا كان أخواك  كلاباً كما تقول..فماذا ستكون وقتها؟!

صاح به"وسام"مازحاً:

- أخرس يا قليل الأدب!..ثم أضاف ساخراً:

-على فكرة مبروك الخسارة أمام كابتن"مرام"..

سألته"مرام"مندهشة:

- هل حضرت المباراة؟..أنا لم أراك فى المدرجات؟!

قال"وسام"فى تعالى:

- لم أحضر..لكن "حبيبة"صًورتها لي بهاتفها،و أرسلتها بالبلوتوث..

قالت"مرام":

- أجل لقد رأيتها ..أين ذهبت بالمناسبة؟!

قال"وسام"فى لامبالاة:

- عادت مع أخيها إلى المنزل..لقد أوهمتها أننى بالمكتب!

سألت"مرام"بدهشة:

- ألن تخرج مع خطيبتك فى الفالنتين؟!

- فى الحقيقة لم أكن أذكر أن عيد الحب اليوم!..لكن"حبيبة"ألمحت لي..فتصنعت البله..فأنا لا أحب  مياعة البنات تلك !

سألت"مرام"مستنكرة:

- ألن تأخذها فى جولة فى السيارة الجديدة على الأقل؟!

قال"وسام"بثقة:

-كلا سأخذها بالطبع!.. إنها خطة بعيدة المدى يا بقر..الجزء الأول فى خطتي ان أتظاهر بالنسيان و عدم المبالاة-و قد نجحت فى ذلك-..بعدها سأذهب إليها فى منزلها..و أفاجئها بهديتها.. فهمتم يا بلهاء!

خبط"حسام"على صدر أخيه ممازحاً:

- أجل يا صاحبى ..سيارة جديدة..و فسحة مع ست الحسن!

- و من شر حاسد إذا حسد..لم أدفع سوى المقدمة وعليها كومة من الأقساط يا حقود!

قال"حسام"مازحاً:

- هذه ميزة أن تكون ضابط شرطة..و بالمناسبة من منهما الذى لم تسدد أقساطه؟..السيارة أم ست الحسن؟!

قال"وسام"بجدية:

- كفى هذراً و أخبرني.. أبيك ..من كان يشجع؟

-"حسام"!

-"مرام"بالطبع!

نطق كلاً من الأخوين أسم أخيه -تقريباً-فى نفس اللحظة ..حتى أن"وسام"هز رأسه فى حيرة..فلم يكن يعلم كيف يقنعهما أبيهما-كل مرة-أنه يشجعهما هما الأثنين!

قال فى عجب:

- يبدو أنه كان يجب أن أخبر"حبيبة أن تصًور تشجيع أبى لكما.. بدلاً من تصوير مبارتكما التافهة!..ثم ما هذه الطريقة المائعة التى كنت تلعب بها؟!..أين ذلك الوحش الذى مسح التابيه ب"منتصر" منذ أربعة أيام؟!..هل أعجبك أن تنتصر عليك فتاة؟!

أبتسم"حسام"،و قال:

-أجبنى أنت أولاً..ماذا ستفعل إن علمت أننى كسرت زجاجة عطر"كارولينا هيريرا "الغالية خاصتك بغير قصد ؟

- يا ملعون!..هل فعلت ذلك حقاً؟!..من سمح لك باستخدامها فى الأصل يا جاهل؟!

أرتفع حاجب"حسام" الأيمن مبدياً دهشته..قال:

- كل هذا من أجل زجاجة عطر!..أطمئن أنا لم ألمس عطورك..لكننى أريد أن أقرب لك الفكرة..

أضاف و هو ينظر نحو أخته:

- فأنا أحرص على إلا تنكسر قارورة العطر الخاصة بى.. ألم يقول سيدنا الرسول "محمد"عليه الصلاة و السلام"رفقاً بالقوارير"

هتفت"مرام"مستنكرة:

- هل تعنى أننى لا أستطيع أن أغلبك بمجهودي؟!

رد"وسام" بتساؤل سأخرا:

- أرأيت يا عمى؟!..هل هذه قارورة أصلاً؟! ..أنها فتى بشوارب مثلنا!

قالت"مرام"محتجة:

- أنا ليس لدى شارب!

قال"وسام"فى تقرير:

- كل الفتيات اللواتى يلعبن الكاراتيا لديهن شوارب!

سألت"مرام"بخبث:

- وفتيات اللواتى يلعبن معك الجودو هل هن بشوارب أيضاً؟!

هز"وسام"الذى كان يشرب الماء من زجاجته رأسه فى تأكيد..قبل أن يجيب:

- أجل لهن شوراب و لحى أيضاً!

- و بمناسبة الشوارب..لقد فكرت فى هدية ستحبها ماما كثيراً..أَضاف سائلاً و هو ينظر إلى"حسام"الجالس بجواره 

- ما رأيك فى هذا الدبدوب؟

نظرت"مرام"لجسد"حسام"الفارع،و عضلاته المرسومة بدقة..قالت مازحة:

- لا أعتقد أن صندوق الورق المقوى الذى أشتريته سيتسع له!

رد"وسام"متظاهراً بالجدية:

- لا داعى لصندوق هدايا..

و أضاف ضاحكاً:

- فلدى جوال من الخيش الممتاز يصلح لجميع الأغراض..كما أنه معطر برائحة البانجو الآخاذة!

- معطر و مخدر فى نفس الوقت..فلن نحتاج لشد و ثاقه !

قالت"مرام"فى حماس مجنون و هى تهجم على"حسام"من الخلف كأنها تحاول تقيده:

- إنها فكرة رائعة!..أين ذاك الجوال؟

قال"حسام"ضاحكاً..و هو يدفع يداي"مرام":

- مهلاً يا رفاق!..لما كل هذا العنف؟!..إذا كنتم ستعيدوني لأمى..فأذهب راضياً..

أمسكته"مرام"من ذقنه..و قالت ل"وسام" و هى تهز وجه"حسام"مداعبة: 

- أنظر إليه ..كم هو لطيفاً هذا الدبدوب!

طبعت على وجنته قبلة طفولية رنانة..و عادت لتجلس فى مقعدها..بينما  سأله"وسام"فى إستنكار:

- أتريدنى أن أقبلك أنا الآخر؟..هذا بعيداً عن شاربك!..

أضاف فى تعالى:

- ربما لو قبلت يدي سأفكر!

على الفور قام"حسام"بتقبيل يد أخيه بحب.,.قائلاً:

- سمعاً وطاعة يا أخى!

فأبتسم"وسام"و قبًل رأسه أخيه..قبل يحتضن رأسه و رأس"مرام"قائلاً و ابتسامته تتسع:

- كم أحب هذين الجروين!

تمت


قصص تليجرام